منتديات معانا تو دى

سينما العرب

شارك عالفيس بوك

الأربعاء، 23 فبراير 2011

دم الشهداء.. أم تكريم مبارك

دم الشهداء.. أم تكريم مبارك

http://productnews.link.net/general/News/20-02-2011/shaheed_370.jpg

أؤمن بالديمقراطية، وحرية الرأي والتعبير، وأن الاختلاف في الرأي لا يجب أن يفسد للعلاقات الإنسانية أو المهنية قضية؛ ولكن.. أؤمن كذلك، وبصورة أعمق، أن الموت علامة فارقة، ومسافة تنقطع بعهدها الحسابات، ويفقد فيها الاتزان، ولا يصح معها أن نعالج أو نناقش أي قضية أخرى، بنفس المنطق والأسلوب.

وعندما يكون الموت مرتبط بالشهادة، يكتسب هذا الموت، قدسية أكبر وهالة من الشرف تفوق أي حدث وشخص مهما عظم، وأمام حقيقة الموت المحسومة، ليس أمامنا إلا أن نترحم على شهداء ثورة 25 يناير، وندعو الله أن يرزقنا نهاية جميلة مثل نهايتهم.. أو بمعنى أدق مثل بدايتهم...

ومع مئات الشهداء الذين فقدتهم مصر في أحداث ثورة 25 يناير، سيكون مجرد الحديث عن تكريم مبارك الآن امر مرفوض.. حتى الحديث عن تكريم الشهداء، يجب أن يسبقه حديث آخر أكثر أهمية لهم ولأسرهم ولنا جميعا.. هذا الحديث يبدأ بمن؟ قتل الشهداء.. ولماذا ؟، ثم يأتي القصاص العادل، فأبسط مفاهيم الديمقراطية والحرية، تبدأ من منطق العدالة والمساواة.. والعدل والمنطق يقتضي محاسبة من أجرم، فالصفحات الجديدة، لا تفتح ولا "تفتح لها النفس".. قبل أن تغلق القديمة.

الطاقة المكبوتة من الغضب، والرغبة في الثأر والقصاص، لا تتعارض ابدًا مع فكرة تأسيس دولة، يكون اساسها ورئيسها ودستورها هو القانون، هو الحاكم العادل الحاسم بيننا.. هذه الدول يجب ان تبدأ علي "نضيف"، بمحاسبة كل من أخطأ وأجرم وسرق، في محاكمات مدنية عادلة للجميع. فالشعب الآن يريد التنظيف السريع.. من أجل البناء الاسرع.

ومن يريد أن "يستعجل" الأمور وينادي بصفحة جديدة بيضاء، دون محاسبة عادلة تريح النفوس وتقتص لدماء شباب مصر التي طهرتنا وحررتنا.. علينا أن ندعوه بكل الود، لزيارة واحدة لبيت أكثر من 365 شهيد – حسب الاحصائيات الرسمية غير المفقودين- ليرى بنفسه كيف يشعر أهل واقارب واصدقاء وجيران الشهداء، وعليه أيضا ان يقابل مصاب واحد ضمن اكثر من 10 الاف مصاب، وللعلم: أغلب اصاباتهم قد تعيق عودتهم للعمل مرة أخرى، بسبب أن من ضربهم تعمد أن يكون الضرب وفي اتجاه الرأس والعين مباشرة !!

انا لا أدعو إلى انتقام أعمى، ولا إلى مذبحة دموية، باسم الثورة وشهدائها نلطخ بها ثوب ثورتنا البيضاء "السلمية".. فهذه في رأيي أحد أسوأ عادات الثورات عبر التاريخ، التي تبدأ بقتل كل من يختلف في الرأي، ثم تأكل الثورة نفسها، ولدنيا العبرة من الثورة الفرنسية ثورة 1952.. وهو سيناريو ادعو الله كل يوم أن يجنبنا إياه.. ولكن هذا لا يعني ابدًا أن نبتسم ونقول عفا الله عما سلف، و"اللي فات مات".

قد يكون التسامح جائزًا - وإن كنت لا أقبله - في أموال أو حقوق سُلِبت منّا، ولكن في دماء الشهداء، لا يجوز، فلا أحد يملك هذا الحق لكي يمنعه أو يمنحه.. لا أحد يملك أن يفتح صفحة جديدة، وأرواح الشهداء، مازالت تنتظر الاجابة.. ماذا نحن فاعلين بمن قتلهم، بيده أو بقرارته، بكلماته او حتى بصمته.

لو كنت تعرف شهيدا من الذين قتلوا في أيام الغضب، ستتشعر بما أقوله، لو مات بجوارك شهيد، لو رأيت الدماء تسيل أمامك وتغرق الأرض من حولك، حتى يصعب عليك أن تسير دون أن تدوس قدمك علي بقع الدماء ستعرف.. لو دمعت عيناك يوما وأنت ترى مشهد قتل الشباب الذي وقف فاتحًا زراعه وهو اعزل ليتلقى رصاصة في صدره، والآخر الذي هشمت رأسه بسيوف البلطجية، والثالث والرابع والخامس والمائة، الذين اصطادتهم أعين القناصة بمنتهى الوحشية، لو شاهدت أي من هذا، ستشعر بما أقوله !!!

اعتقد أن كل من يعيش علي أرض مصر.. او يحب مصر.. او سيزور مصر، مدَين لشهداء ثورة 25 يناير، الذين ماتوا لنحيا بعزة وكرامة.. بعد سنوات من فقد الهوية، تحررنا.. وحتى لو جاءت مكاسبنا من هذه الثورةبعد عام او خمسة، سنظل نتذكرهم بكل حب واعزاز وتكريم.. لان جميلهم سيظل يطوق عنق اجيال قادمة ليذكرنا.. بان دولة العدل التي سنعيشها، يعود الفضل فيها لهؤلاء الشهداء الابرار.

كلمة أخيرة: بعد أيام قليلة من تنحي مبارك، بدأ يعتريني شعور سخيف، بأن بعضنا كان يستحق مبارك وعصره، بعضنا كان يتلذذ بان يعيش في دولة القهر والظلم والفساد والرشوة، بعضنا لم يكن مستعدا للديمقراطية، وبعضنا لا يريد أن يصبر عام او اثنين، لكي ينعم بدولة ديمقراطية له ولأبنائه. لن تكون بالطبع جنة.. ولكن بالتأكيد لن تكون مثل جحيم ما قبل 25 يناير.

ملحوظة: الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة رأي موقع مصراوي.

0 Comments:

Recent Posts

coRoNik

Share

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More